Sunday, June 8, 2014

العلي - الأعلى - المتعال‎

العلي - الأعلى - المتعال


 
ثبوت هذه اﻷسماء 


 العلي:
ورد في القرآن الكريم ( ٨ مرات) منها قوله تعالى :
( ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [سورة البقرة : 255]

وقوله:
(لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [سورة الشورى : 4]
وقوله:
(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [سورة الحج : 62]
وقوله :
(وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [سورة سبأ : 23]
وقوله :
(ذَٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) [سورة غافر : 12]
وقوله :
(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) [سورة الشورى : 51]
من السنة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(كلماتُ الفرجِ : لا إلهُ إلَّا اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ العليُّ العَظِيمُ ، لا إلهُ إلَّا اللهُ رَبُّ السَّماوَاتِ السَّبْعِ و رَبُّ العرشِ العظيم).صححه اﻷلباني. ِ

اﻷعلى:
ورد في القرآن الكريم مرتين، 
في قوله تعالى :
     بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيم
ِ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [سورة اﻷعلى : 1]
وقوله :
(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ) [سورة الليل : 20]
ومن السنة :
أنها سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأصْغَتْ إليهِ قبلَ أنْ يَموتَ، وهومُسْنِدٌ إلي ظهرَهُ يقول : ( اللَّهُمَّ اغفِر لي وارحَمني وألْحِقْني بالرَّفيقِ الأعلَى ) .
الراوي:عائشة أم المؤمنين

المتعالي:
ورد في القرآن مرة واحدة، 
في قوله تعالى :
(عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) [سورة الرعد : 9]
ومن السنة :
قرأ رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ هذهِ الآيةَ وهو على المنبرِ { وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } قال : يقولُ اللهُ أنا الجبارُ أنا المتكبرُ أنا الملكُ أنا المتعالُ يمجِّدُ نفسَه ) قال فجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يُردِّدُها حتى رجف به المنبرُ حتى ظننا أنه سيَخِرُّ به 
رواه اﻹمام أحمد وصححه أحمد شاكر. 
       
المعنى في اللغة:

العلو: السمو واﻻرتفاع،  ويطلق على العظمة والتمجيد ، والتجبر ، ومنه قوله تعالى :


)إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضَِ) [سورة القصص : 4]


العلي :
الرفيع وهو مشتق من العلو  ،
قال في اللسان: (علو كل شيء أرفعه ..وعﻻ الشيء علوا فهو علي..والعلي: الرفيع ،قال اﻷزهري : (العلي) الشريف، فعيل من عﻻ يعلو ، وهو بمعنى العالي ، وهو الذي ليس فوقه شيء ) 
وللعلو معنيان:
علو المكان، علو المكانة.

اﻷعلى :
وهو على وزن أفعل التفضيل وهو الذي ارتفع عن غيره وفاقه في وصفه ، فهو يجمع معاني العلو جميعها ، فدل على التفضيل المطلق في العلو.

المتعال :
من العلو أي المرتفع ، وهو يدل على كمال العلو ونهايته ، وصيغت الصفة بصيغة التفاعل للدﻻلة على أن العلو صفة ذاتية له ﻻ لغيره  ،
فهو اسم فاعل من تعالى ، فعله تعالى يتعالى تعاليا ، فهو متعال ،
🍥والتعالي : التسامي ، والترفع، والتعظم، والتقدس ، والتمجد،
🍥والمتعال:الرفيع القدر ،المستعلي على كل شيء بقدرته وقهره.


المعنى في حق الله تعالى :

📚 الله تبارك وتعالى هو العلي اﻷعلى المتعال :
1- الذي له علو الذات( المكان) : أي أنه تبارك أعلى من كل شيء ؛ مستو على عرشه ، فوق جميع خلقه ، قال تعالى :
(الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) [سورة طه : 5].
2- وعلو القدر( المكانة):
أي علو الصفات وعظمتها، فكل صفة من صفاته تعالى له من الكمال أعﻻها ، وغايتها من كل الوجوه ، فﻻ يقدر أحد من الخﻻئق من أولهم إلى آخرهم ، من إنسهم وجنهم ، أن يحيطوا بمعاني صفة من صفاته العلية ، قال تعالى :
ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ُۚ) [سورة النحل : 60]
3- علو القهر والغلبة :
فهو سبحانه الغالب الذي ﻻ يغلب ، والقاهر الذي ﻻ يقهر ، فكل المخلوقات تحت قهره وسلطانه ، وعلوه تعالى، قال تعالى :
(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ُۚ) [سورة اﻷنعام : 18]
4 - وهو الذي عﻻ عن كل عيب ، ونقص ، وسوء ، وشر ، لكماله سبحانه على اﻹطﻻق .
5وهو المتعالي عن الشبيه والنظير والمثيل والعديل .
6وهو العلي عن كل علي يساويه ، أو يقرب منه ، أو يدانيه.
7وهو المتعالي عن الشريك في عبادته ، فﻻ يستحق العبادة إﻻ هو ، قال تعالى :
  (
عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة المؤمنون : 92]
8
وهو المتعالي سبحانه عن الشريك في ربوبيته ، فليس له ظهير ، وﻻ معين ، ، وﻻ ولي ، وﻻ نصير . 
9
وهو الذي تعالى عن الصاحبة والولد ، قال تعالى :
(
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) [سورة الجن : 3]
10 - وهو الذي جل عن إفك المفترين ، والمبطلين،والملحدين ،في حقه سبحانه وتعالى علوا كبيرا، قال تعالى :
(سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) [سورة اﻹسراء : 43]
11- وهو الذي تعالى أن يحاط به وصف الواصفين ،وجل عن كل ثناء ، فهو أعظم ، وأجل ، وأعلى مما يثنى عليه .
12 - وهو تعالى أعلى من أن يدركه الخلق باﻷبصار الفانية بﻻ حجاب،فليس لعلو كماله حد ، وﻻ عد وﻻ ند.



الصفة المشتقة :

الصفة المشتقة من أسمائه سبحانه العلي، اﻷعلى، المتعال : صفة : [ العلو والفوقية ] ، وهي من صفات الله الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة،  وهي صفة كمال ﻻبد من نفي ما يضادها ، فالله تعالى ﻻ يكون إﻻ عليا .
قال تعالى :
(
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) [سورة الملك : 17]
وفي السنة :
:(  ألا تأمَنوني ؟ وأنا أمينُ مَن في السماءِ ، ...)
الحديث عند مسلم.
"فالله سبحانه وتعالى فوق جميع مخلوقاته ، مستو على عرشه، في سمائه،  عاليا عن خلقه ، بائنا منهم ، يعلم أعمالهم ، ويسمع أقوالهم ، ويرى حركاتهم وسكناتهم، ﻻ تخفى عليه خافية "
 الفروق بين هذه اﻷسماء :

دلت هذه اﻷسماء الثلاثة المشتقة من صفة (العلو) على معاني العلو الثلاثة:
 فله سبحانه علو الذات من اسمه (العلي)قال ابن جرير في قوله تعالى : (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [سورة الشورى : 4] ( وهو العلي):ذو علو وارتفاع على كل شيء، واﻷشياء كلها دونه . وله علو القدر والصفات من اسمه (اﻷعلى):
قال القاسمي: "اﻷعلى هو الرفع في كل شيء، قدرة، وملكا، وسلطانا.

 وله علو القهر والغلبة من اسمه ( المتعال ):
قال ابن كثير:(المتعال) على كل شيء، قد أحاط بكل شيء علماً، وقهر كل شيء، فخضعت له الرقاب، ودان له العباد طوعاً وكرها. 
 قال الرضواني:( والثابت الصحيح أن معاني العلو عند السلف الصالح ثﻻث معان دلت عليها أسماء الله المشتقة من صفة العلو، فاسم الله ( العلي ) دل على علو الذات، واسم الله ( اﻷعلى )دل على علو الشأن، واسم الله( المتعال )جل على علو القهر )
اﻷسماء الحسنى:ماجد بن عبدالله آل عبد الجبار.
علو الله تعالى على خلقه:

تنوعت الدﻻئل ، وتكاثرت البراهين، وتعددت الشواهد على علو الله تبارك وتعالى على خلقه ،
 وهذه اﻷدلة مندرجة تحت أنواع عديدة: التصريح بالفوقية :💠قال تعالى :
(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [سورة اﻷنعام : 18]
يقول البغوي: فوق عباده هو صفة  اﻻستعﻻء الذي تفرد به الله عزوجل.  💠وقال تعالى :
(يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ۩) [سورة النحل : 50]
🍥 يقول السعدي: هو فوقهم بالذات والقهر وكمال اﻷوصاف.
وفي الحديث :
في معنى أسماء الله [ اﻷول، واﻵخر، والظاهر، والباطن]
 وأنت الظاهرُ فليس فوقَك شيءٌ )رواه الترمذي.
 التصريح بالعروج :
قال تعالى :
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ )
[سورة السجدة : 5].
💠 وقوله :
(مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ
تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)
[سورة المعارج : 4-3]

دﻻلة على علوه وجﻻله وعظمته.

 التصريح بالصعود إليه :
 قال تعالى :
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )ۚ 
[سورة فاطر : 10]
 وفي الصحيحين 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من تصدَّقَ بعدْلِ تمرةٍ من كَسْبٍ طَيِّبٍ ، ولا يقبَلُ اللهُ إلَّا الطَّيِّبُ ، وإنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بيمينِهِ ، ثم يُربيها لصاحبها ، كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّهُ ، حتى تكونَ مثلَ الجبلِ ).

 التصريح برفع بعض المخلوقات إليه :

 قال تعالى :
(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ َ) [سورة آل عمران : 55]
💠وقال :
(بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) 
[سورة النساء : 15]


 التصريح بتنزيل الكتاب من عنده ،
💠قال تعالى :
(
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [سورة الزمر : 1]
💠 وقال :
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [سورة السجدة : 2]

 التصريح بأنه تعالى في السماء :
 قال تعالى :
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ

(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)
[سورة الملك : 17-16]
 وفي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للجارية :
( أين الله؟ قالت: في السماء .قال :من أنا ؟ قالت: انت رسول الله. قال :أعتقها فإنها مؤمنة).

 التصريح برفع اﻷيدي إليه :

روى الترمذي عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين ).واﻷدلة على علوه سبحانه كثيرة فمن الضﻻل القول بأن الله في كل مكان هذا إلحاد في أسماء الله تعالى ومخالف لﻹجماع لﻵتي:1- إلحاد في صفة العلو وإنكار لها.2- إلحاد في اسمه القدوس المنزه عن كل نقص.3- إلحاد في اسمه الصمد ، فالصمد من معانيه الذي ﻻ يختلط به شيء.
فمن الباطل إعتقاد أن الله حل في كل شيء.

 أما قربه تعالى ومعيته لكل أحد ، فهو سبحانه قريب قرب عام بعلمه وخبرته ومراقبته ومشاهدته وإحاطته بكل اﻷشياء، وأما قربه الخاص بعابديه وسائليه ومحبيه هو قرب ﻻ تدركه العقول ، وإنما تعلم آثاره من لطفه بعبده  وهو قرب يقتضي المحبة والنصرة والتأييد.

من أدلة علوه سبحانه :
اﻹستواء على العرش:
فقد ورد في القرآن الكريم العديد من اﻵيات التي تدل على ذلك، منها :
💠
قوله تعالى :
(
الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) [سورة طه : 5]
والعرش :هو السقف المحيط بالمخلوقات، وهو أكبر المخلوقات، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى مستوي على عرشه استواء يليق بجﻻله وﻻ يماثل استواء المخلوقين.
ومعنى اﻹستواء عندهم :العلو واﻻستقرار،  
وليس معنى استوى استولى كما يفسر أهل التعطيل ﻷن هذا التفسير مخالف لقول السلف ، ومخالف لظاهر اللفظ ، فمادة استوى إذا عدت ب (على) فهي بمعنى العلو واﻹستقرار .
و الله تعالى مستوي على عرشه وإن كان الله تعالى أكبر من العرش ومن غير العرش وﻻ يلزم أن يكون العرش محيطا به بل ﻻيمكن أن يكون محيطا به ﻷنه سبحانه أعظم من كل شيء وأكبر من كل شيء ، واﻷرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينِهِ. 
فاستواء الله فوق العرش استواء خاص به وليس معناه أن العرش يقله ابدا.
بل العرش محمول تحمله المﻻئكة وليس حامل لله عزوجل، ﻷن الله ليس محتاجا إليه .
من أدلة علوه سبحانه وتعالى:
💠قوله تعالى :
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) [سورة الملك : 16]
فالذي في السماء هو الله هذا دليل علوه ،

لكن ما معنى أنه في السماء؟ 
ليس معناه أن السماء محيطة به سبحانه، أن يحاذيه شيء،  أو أن يكون فوقه شيء. 
ﻷهل العلم في هذه المسألة قوﻻن:
1- قول يقول أن نجعل السماء بمعنى العلو ، وهذا وارد في اللغة بل في القرآن،  في قوله تعالى : ( أنزل من السماء ماء)[سورة الرعد : 17]
والمراد بالسماء العلو ﻷن الماء ينزل من السحاب ﻻ من السماء.
فيكون معنى من في السماء: من في العلو.
2- قول يقول:أن نجعل (في) بمعنى( على )ونجعل السماء هي السقف المحفوظ المرفوع، وكون في بمعنى على وردت في القرآن الكريم
(
وﻷصلبنكم في جذوع النخل)
أي على جذوع النخل .
فيكون معنى (من في السماء):من على السماء .

ﻻ تنافي بين علوه سبحانه ومعيته وقربه :
معية الله لعباده حق على حقيقتها لكنها ليس كالمفهوم الذي فهمه الجهمية ونحوهم بأنه مع الناس في كل مكان .
1-
وﻻ تناقض بين المعية والعلو ﻷن الله جمع بينهما في القرآن :
💠
قال تعالى :
(
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة الحديد : 4]
2- وﻻ تعارض فمن الممكن أن يكون الشيء عاليا وهو معك ، والعرب تقول : مازلنا نسير والقمر معنا.
3- كما أن الله تعالى أجل وأعظم من أن تقاس صفاته بصفات المخلوقين.
       
الجمع بين قربه سبحانه وعلوه:
فقربه سبحانه ﻻ ينافي علوه وفوقيته فقربه ﻻ يستلزم أن يكون في المكان الذي فيه اﻹنسان ، ﻷنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع صفاته وهو محيط بكل شيء.
   
ﻻ تنافي بين نزوله سبحانه وعلوه:
في الحديث :
(
ينزلُ ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا . حين يبقى ثلُثُ الليلِ الآخِرُ . فيقولُ : من يدعوني فأستجيبَ له ! ومن يسألُني فأُعطِيَه ! ومن يستغفرُني فأغفرَ له !)
رواه مسلم. 
نزوله سبحانه نزول حقيقي  .

إذا نزل أين العلو وأين اﻻستواء؟
الصحابة قالوا آمنا وقبلنا وصدقنا .
فالله تعالى ينزل لكنه تعالى عال على خلقه ، ﻷنه ليس معنى النزول أن السماء الدنيا تقله والسماوات اﻷخرى تظله ، إذ أنه سبحانه ﻻ يحيط به شي من مخلوقاته.
نقول هو ينزل حقيقة مع علوه حقيقة وليس كمثله شيء، والله أعلم بكيفية ذلك،  وعقولنا أقصر وادنى من أن تحيط بالله عزوجل.

معنى سبحان ربي اﻷعلى :
💠تسبيح الله بمعنى:أنزهه وأقدسه عن كل النقائص والعيوب، فهو سبحانه المنزه عن صفات النقص ، المنزه عن كل سوء، المنزه عن الشريك، المنزه عن المثيل، المنزه عن الند ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). 
💠
ربي : وهو ربي الذي أوجدني من العدم ، وأعدني ، وأمدني، و هو وحده الذي يستحق أن أفرده بكل العبادات وأن أحبه وأعظمه وانكسر وأتذلل بين يديه،
💠اﻷعلى: الذي له معاني العلو التي ﻻ يشاركه فيها أحد، فله علو الذات والمكان فهو سبحانه علي بذاته على جميع خلقه، وهو الذي استوى على عرشه بكماله وجﻻله وعظمته وسلطانه.
وهو سبحانه اﻷعلى الذي له علو القدر والمكانة، الذي له صفات الكمال كلها ، وهذا يستلزم نفي النقائص عنه.
وهو سبحانه اﻷعلى الذي له علو القهر والغلبة ، فﻻ رب سواه وﻻ شريك له ، وﻻ إله إلا الله.
وهو سبحانه اﻷعلى المتعال، الذي تعالى عن النقائص والعيوب والشريك والند والمثيل والكفء، الذي له الكمال كله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله
الذي له المثل الأعلى ،
💠
قال تعالى :
(
لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة النحل : 60]
💠 وقال :
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة الروم : 27]
والمثل اﻷعلى : هو الوصف اﻷعلى ، والمثل اﻷعلى ﻻ يشترك فيه إثنان. فالله تعالى له المثل الأعلى، وله الصفات الكاملة التي ﻻ يخالطها نقص وﻻ يشوبها باطل بأي حال من اﻷحوال.

مﻻحظة:. ﻻبد أن يشمل تنزيهك لله نوعي التنزيه،
 
إنتفاء النقائص.
 
إنتفاء المثيل.
 مﻻحظة :
2. مع كل تنزيه لله  ﻻبد من إثبات الكمال، ﻷن هذا هو مقصود التنزيه ، أن تثبت ضده ، أن تثبت الكمال لله.فنفي الظلم عن الله  المقصد منه إثبات كمال العدل.ونفي التعب واللغوب عن الله المقصد منه إثبات كمال القوة والقدرة.
 
لذلك :فإن علو التعالي:هو إنتفاء النقائص والعيوب والشريك والمثيل مع إثبات الكمال لله في كل شيء. 
 
وبالمقابل ،
في علو القدر والمكانة: فيه إثبات الكمال لله ، وهذا يستلزم إنتفاء النقائص عنه سبحانه وتعالى.


 وبقدر معايشتك لهذه المعاني عن الله في حياتك بقدر ماكانت ثمرتها في سجودك حين تقول ( سبحان ربي اﻷعلى ) أعظم ، وسبب ﻹستحضار معناها في ذلك الوقت.

من اﻵثار اﻹيمانية للمعرفة بهذه اﻷسماء :

من شهد مشهد علو الله تعالى على خلقه، وفوقيته لعباده من كل الوجوه،  وتعبد بمقتضى هذه الصفة العلية، يصير لقلبه صمدا يعرج القلب إليه ناجيا له مطرقا ، واقفا بين يديه ، في السؤال، والرغبة، والرهبة ،والذل، والمحبة، ويتجلى هذا المشهد للعبد عند سجوده ، وتسبيحه تعالى بعلوه : والعبد في غاية الذل ، والرب في غاية العزة والمجد.
واﻹيمان بعلو الله على خلقه يورث العبد تعظيما لله وذﻻ بين يديه، وانكسارا له، وتنزيها له عن النقائص والعيوب، وإخﻻصا في عبادته، وبعدا عن اتخاذ اﻷنداد والشركاء. 
💠
قال تعالى :
(
ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [سورة الحج : 62]
واﻹيمان بعلو الله -عزوجل- ذاتا وقدرا وقهرا يورث في النفس خضوعا وإخباتا لمن هذه صفاته ، ولذا لما نزل قوله تعالى :
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [سورة اﻷعلى : 1]
قال صلى الله عليه وسلم :( ضعوها في سجودكم )
وعن سر ذلك:
يقولُ ابن القيم رحمه الله تعالى :( وكان وصف الرب بالعلو في هذه الحال في غاية المناسبة لحال الساجد الذي قد انحط إلى السفل على وجهه فذكر علو ربه ونزه ربه عما ﻻ يليق به مما يضاد عظمته وعلوه).
التواضع لله تعالى و ما أنزل من الحق ، ﻷن اﻹيمان بعلوه سبحانه وقهره لعباده يورث في القلب تواضعا وحياء، وتعظيما لله تعالى وﻷوامره ونواهيه، ورضا باحكامه القدرية والشرعية ، وإذعانه للحق إذا بأن له وعلم أنه من عند الله تعالى ، وﻻ يرد أحد الحق ويؤثر الباطل إﻻ حين يغفل عن آثار أسماء الله-عزوجل - الحسنى ومنها اﻷسماء التي فيها العلو والعظمة والحكمة لله تعالى.
الحذر من العلو في اﻷرض بغير الحق ، وتجنب ظلم العباد والتكبر عليهم وقهرهم والعدوان عليهم ، وﻻ ينجو من ذلك إﻻ من تذكر علو الله تعالى وقهره ، وأن العبد مهما عﻻ وظلم وقهر فإن الله ( العلي، المتعال) فوقه ، يراه ويقتص للمظلومين ممن ظلمهم ، وما من جبار عﻻ في الأرض وتجبر إﻻ وقصمه الله تعالى وأهلكه.
  الخوف من الله وحده وتخلص القلب من الخوف من المخلوق الضعيف، فمهما أوتي المخلوق من قوة وعلو في اﻷرض فإن الله - عزوجل- فوقه مكانا وقدرا وقهرا.
تنزيه الله تعالى عن كل نقص في ذاته وصفاته وأفعاله، وإثبات صفات الكمال له سبحانه وحمده على ذلك، لذا نجد القرآن الكريم يقرن بين تسبيح الله تعالى وتعاليه،
💠
قال تعالى :
(
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ) [سورة اﻷنعام : 100]
💠
وقال :
(
قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًاسُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) [سورة اﻹسراء :  43-42]
💠
وقوله تعالى :
(
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة النحل : 1]
💠
وقال :
(
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة القصص : 68]
💠
وقوله تعالى :
)
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة الزمر : 67]



 اﻻقتران مع الأسماء اﻷخرى :

📙 اقترن اسم (العلي)ب(الكبير)   في القرآن الكريم (٥مرات)منها :
💠 
قوله تعالى :
(
ذَٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) [سورة غافر : 12]
 يقول الشيخ السعدي في تفسيرها :
{ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ } العلي: الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر ومن علو قدره، كمال عدله تعالى، وأنه يضع الأشياء مواضعها، ولا يساوي بين المتقين والفجار.
{ الْكَبِيرُ } الذي له الكبرياء والعظمة والمجد، في أسمائه وصفاته وأفعاله المتنزه عن كل آفة وعيب ونقص، فإذا كان الحكم له تعالى، وقد حكم عليكم بالخلود الدائم، فحكمه لا يغير ولا يبدل.💠فهو سبحانه العلي بذاته وعلو قدره وقهره فوق جميع خلقه ، الكبير في ذاته وصفاته ، ولذا كانت صفة العلو تناسب الكبرياء والعظمة ، فقرن العلي بالكبير  كما قرن العلي بالعظيم. 
💠 وقوله تعالى :
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [سورة النساء : 34]
 يقول القاسمي في محاسن التأويل عن هذه اﻵية :
( ۗإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) فاحذروه بتهديد اﻷزواج على ظلم النسوة من غير سبب ، فإنهن وإن ضعفن عن دفع ظلمكم ، وعجز عن اﻹنصاف منكم فالله سبحانه علي قاهر كبير قادر أن ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن ، فﻻ تغتروا بكونكم أعلى يدا منهن وأكبر درجة منهن ، فالله أعلى منكم ، وأقدر منكم عليهن فختم اﻵية بهذين اﻻسمين فيه تمام المناسبة. 

 اقتران اسم(العلي)ب(الحكيم)
وقد ورد مرة واحدة في قوله تعالى :
(
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) [سورة الشورى : 51]




  يقول الطاهر عاشور عن هذين اﻻسمين الجليلين في هذه اﻵية :( العلي) علو عظمة فائقة ﻻ تناسبها النفوس البشرية التي القاصرة ؛ ولذا اقتضت حكمته سبحانه -أﻻ تتلقى النفوس البشرية مراد الله منه مباشرة ، وإنما بتوجيه خطابه بوسائط يفضي بعضها إلى بعض ...وأما وصف ( الحكيم ) فﻷن معناه المتقن للصنع ، العالم بدقائقه وما خطابه البشر إﻻ لحكمة إصﻻحهم ونظام عالمهم ، وما وقوعه  على تلك الكيفيات الثﻻث إﻻ من أثر الحكمة لتيسير تلقي خطابه ، ووعيه دون اختﻻل فيه وﻻ خروج عن طاقة المتلقين.

No comments:

Post a Comment