Saturday, June 7, 2014

إسم الحميد جل جلاله

الحميد ( جل جلاله )

~ ثبوت اﻻسم ~

ورد هذا اﻻسم في القرآن الكريم (١٧ مرة) ، منها:
💠قوله تعالى :
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ) [سورة الحج : 24]
ومن السنة:حديث كعب بن عجرة في التشهد:
(قولوا : اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ ، وعلى آلِ إبراهيمَ ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ 

وعلى آلِ محمدٍ ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ ) .


  المعنى في اللغة 

الحمد نقيض الذم ، تقول حمدت الرجل فهو حميد ومحمود، 
والتحميد أبلغ من الحمد،
والمحمد الذي كثرت خصاله المحمودة،
وحميد بمعنى محمود وهو أبلغ من المحمود فهو دال على أن تلك الصفة  قد صارت مثل السجية الغريزية ، والخلق الﻻزم ،
ف ( الحميد) الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودا ولو لم يحمده غيره، فهو حميد في نفسه  . 


 ~ المعنى في حق الله تعالى ~

الله (عزوجل)هو الحميد ، المحمود في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله،
فله من اﻷسماء أحسنها
،ومن الصفات أكملها، 
ومن اﻷفعال أتمها وأحسنها،فإنها دائرة بين الفضل والعدل ، وليس فيها فعل خال من الحكمة والمصلحة ، فﻻ يجري في أفعاله الغلط وﻻ يعتريه الخطأ.
وهو تعالى المحمود في شرعه ، فإنه أكمل الشرائع وأنفعها لكل الخﻻئق ، لما فيها من العدل والحكمة والرحمة التي ﻻ نظير لها. 
♻ وهو المحمود في قضائه ، وعلى أحكامه القدرية ، والشرعية، والجزائية، فكلها حق، وعدل، وهدى، منزه عن الشر والعبث، والظلم.
♻ وهو المحمود على وحدانيته ، وتعاليه عن الشريك والنظير والولي من الذل.
♻ وهو الذي يجعل من يشاء من عباده محمودا، فيهبه حمدا من عنده، فيحمده الخلق ، ويثنون عليه.
♻ ومن كمال حمده يوجب أن ﻻ ينسب إليه شر وﻻ سوء ، وﻻ نقص في ذاته ، وﻻ في أسمائه،  وﻻ في صفاته، وﻻ في أفعاله.
♻ وهو سبحانه يحمد من يستحق الحمد ، ولهذا أثنى على أنبيائه وأوليائه. 
♻ وهو المحمود بكل لسان ، وعلى كل حال، فجميع المخلوقات ناطقة بحمده، من الجمادات والناطقات، في جميع اﻷوقات، على آﻻئه وإنعامه وعلى كماله وجﻻله.


  ~ أنواع الحمد ~
الحمد نوعان 
حمد على إحسانه لعباده وهو الشكر.
وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله ، وهذا الحمد ﻻ يكون إﻻ لمن اتصف بصفات الكمال فاستحق الحمد في نفسه.
أما حمده سبحانه على إحسانه إلى عباده فإن النعمة موجبة لحمد المنعم ، والنعم كلها من الله، 
فهو سبحانه الذي ابتدأ عباده بالنعم قبل السؤال، ومن غير استحاق ، بل ابتداء منه بمجرد فضله وكرمه وإحسانه ،
وهو سبحانه الذي دفع المحن والبﻻيا بعد انعقاد أسبابها ، وصرفها بعد وقوعها،
وهو الذي هدى خاصته وعباده إلى سبيل دار السﻻم،  ودافع عنهم أحسن الدفاع، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر و الفسوق والعصيان، وعرفهم باﻷسباب التي تدنيهم من رضاه وتبعدهم من سخطه، إلى غير ذلك من نعمه التي ﻻ تحصى.
فالله الحمد بكل نعمة أنعم بها في قديم أو حديث أو سر أو عﻻنية أو خاصة أو عامة ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى .
وأما حمده سبحانه لما له من اﻷسماء والصفات وما يستحقه كمال النعوت ،
فإنه سبحانه قد حمد نفسه في كتابه على ربوبيته للعالمين،
وحمد نفسه على تفرده بألوهية، 
وحمد نفسه على كمال أسمائه وعظمة صفاته ، 
وحمد نفسه على امتناع اتصافه بما ﻻ يليق به من اتخاذ الولد والشريك ومواﻻة أحد من خلقه لحاجته إليه.
وحمد نفسه على عظمته وكبريائه .
وحمد نفسه في اﻷولى والآ خرة. 
وتنوعت اﻵيات التي فيها أسباب الحمد في أكثر من أربعين موضعا في بعضها ذكرت أسباب الحمد مجملة وفي بعضها ذكرت مفصلة.


~ الصفة المشتقة من اﻻسم ~
   
هي : صفة  الحمد 
وهي من صفات الله الذاتية .
💠قال تعالى :
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [سورة الجاثية : 36]
💠ومن السنة:
(من قال : سبحان اللهِ وبحمدِه ، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ ، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحر )ِ
الراوي:أبو هريرة المحدث:البخاري



 الفرق بين الحمد والشكر ~
   
قال أهل العلم :
💠
الشكر أعم من جهة أنواعه ،
فهو يكون باللسان والقلب والجوارح،
💠
وأخص من جهة متعلقاته ، فيكون على نعم قريبة تجد أو نقمة تندفع.
 أما الحمد فهو أعم من جهة متعلقاته ، فهو يتناول النعم السابقة وغيرها ،
ويتضمن حمد الله تعالى على أسمائه وصفاته وأفعاله،
💠كما أنه أخص من جهة أنواعه ، فهو يقع بالقلب واللسان ،
فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس .
💠والعبد الله سبحانه وتعالى في السراء ونالضراء ، ﻷن فعله سبحانه كله حكمة ، وخير للعبد.
💠 والحمد ﻻ يكون حمدا إﻻ مع المحبة والتعظيم وإﻻ كان مدحا .




فضل ذكر الله (عزوجل)
               بالحمد  له سبحانه

💠فضل قول (الحمدلله)
ما جاء في النصوص:
)أفضلُ الذِّكرِ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأفضَلُ الدُّعاءِ الحمدُ للهِ(
رواه الترمذي وصححه اﻷلباني.
وقد جاء هذا الذكر العظيم في كثير من اﻷذكار واﻷدعية الصحيحة
بل جاءت في القرآن الكريم الحث على اللهج بهذا الذكر الكريم

💠قال تعالى:
(
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [سورة اﻹسراء : 111]
💠 وقال :
(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [سورة غافر : 55]

 ومن السنة :
كان نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أمسى قال " أمسَينا وأمسى الملكُ لله . والحمدُ لله . لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له " .  وإذا أصبح قال ذلك أيضًا " أصبحْنا وأصبح الملكُ لله " .
رواه مسلم

وما ورد في الحديث :
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا أوى إلى فراشه قال " الحمدُ لله الذي أطعمَنا وسقانا ، وكفانا وآوانا . فكم ممن لا كافيَ له ولا مُؤويَ " 
رواه مسلم. 

والمواطن التي جاء فيها فضل هذا الذكر كثيرة ، من أشهرها دبر الصلوات وعند النوم مع التسبيح والتهليل والتكبير، وفي استفتاح دعاء التهجد، وأذكار الرفع من الركوع وغيرها.
أما ما ورد في فضل هذا الذكر كما ذكرنا أنه أفضل الدعاء
وأنه أحب الكلام إلى الله لما ورد في الحديث :
ألا أخبرُك بأحبِّ الكلامِ إلى اللهِ ؟ قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أخبرني بأحبِّ الكلامِ إلى اللهِ . فقال : "إن أحبَّ الكلامِ إلى اللهِ ، سبحانَ اللهِ وبحمدِه"
رواه مسلم.

وأن الحمدلله تمﻷ الميزان
لما ورد في الحديث :
"الطَّهورُ شطرُ الإيمانِ . والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ . وسبحان اللهِ والحمدُ للهِ تملآنِ ( أو تملأُ ) ما بين السماواتِ والأرضِ . "
رواه مسلم.

سبب لمغفرة الذنوب، 
لما ورد في الحديث؛:
"من قال : سبحان اللهِ وبحمدِه ، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ ، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحر"
رواه البخاري. ِ


 ~جلال الحميد~ 

♻ أنه سبحانه محمود من وجوه ﻻ تحصى ، وله أسماء وأوصاف ومدائح وثناء ﻻ يعلمها ملك مقرب وﻻ نبي مرسل،
💠قال تعالى:(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [سورة الروم : 18]
💠وقال:
(وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص : 70]
,فهو المنفرد بالوحدانية , لأن جميع المحامد إنما تجب له وأن لا حكم إلا له وإليه المصير .
ومن أﻷدعية المأثورة التي تبين أن ﻻ أحد من الخلق يستطيع أن يحصي الثناء على الله.
"اللهم أعوذُ برضاك من سخطِك, وبمعافاتِك من عقوبتِك , وأعوذُ بك منك لا أُحْصى ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسِك " .
رواه مسلم

ومن اﻷدلة على أن أسماء الله الحسنى ﻻ حصر لها.
) أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك)
صححه اﻷلباني.
ومن جﻻل الحميد أن الملك والحمد متﻻزمان كما جاء في كثير من اﻵيات واﻷحاديث،
)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [سورة سبأ : 1]
ومن السنة :
 )"فبدأ بالصفا . فرقي عليه . حتى رأى البيتَ فاستقبل القبلةَ . فوحَّد اللهَ ، وكبَّره . وقال : " لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له . له الملكُ وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ ( 
رواه مسلم.

فكل ما شمله ملكه وقدرته شمل حمده ، فهو محمود في ملكه ، وله الملك والقدرة مع حمده، 
فكما يستحيل خروج شيء من الموجودات عن ملكه وقدرته ، يستحيل خروجها عن حمده وحكمته
ولهذا يحمد سبحانه نفسه عند خلقه وأمرهلينبه عباده على أن مصدر خلقه وأمره عن حمده،
فهو محمود على كل ما خلقه وأمر به ،
حمد شكر وعبوديه ،
حمد ثناء ومدح، 
يجمعهما التبارك ، فتبارك الله يشمل ذلك كله ولهذا ذكر هذه الكلمة عقيب قوله:
)
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [سورة اﻷعراف : 54]
 والخلق واﻷمر إنما قام بحمده ووجد بحمده وظهر بحمده 
وكأن الغاية هي حمده روح كل شيء، 
وسريان حمده في الموجودات وظهور آثاره فيها أمر مشهود باﻷبصار والبصائر.


من المواضع التي حمد فيها
      الحميد(جل جلاله ) نفسه

من اﻵيات التي جمع فيها أسباب الحمد:
💠قوله تعالى :
)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة : 2]
{
الْحَمْدُ لِلَّهِ } [هو] الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه. 

💠وقوله تعالى.
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [سبإ : 1]
♻الحمد: الثناء بالصفات الحميدة, والأفعال الحسنة, فللّه تعالى الحمد, لأن جميع صفاته, يحمد عليها, لكونها صفات كمال, وأفعاله, يحمد عليها, لأنها دائرة بين الفضل الذي يحمد عليه ويشكر, والعدل الذي يحمد عليه ويعترف بحكمته فيه.
وحمد نفسه هنا, على أن { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } ملكا وعبيدا, يتصرف فيهم بحمده. { وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ } لأن في الآخرة, يظهر من حمده, والثناء عليه, ما لا يكون في الدنيا، فإذا قضى اللّه تعالى بين الخلائق كلهم, ورأى الناس والخلق كلهم, ما حكم به, وكمال عدله وقسطه, وحكمته فيه, حمدوه كلهم على ذلك، حتى أهل العقاب ما دخلوا النار, إلا وقلوبهم ممتلئة من حمده, وأن هذا من جراء أعمالهم, وأنه عادل في حكمه بعقابهم.

💠 وبعض اﻵيات فصلت فيها أسباب الحمد،
💠قال تعالى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام : 1]
هذا إخبار عن حمده والثناء عليه بصفات الكمال، ونعوت العظمة والجلال عموما، وعلى هذه المذكورات خصوصا. فحمد نفسه على خلقه السماوات والأرض، الدالة على كمال قدرته، وسعة علمه ورحمته، وعموم حكمته، وانفراده بالخلق والتدبير، وعلى جعله الظلمات والنور، وذلك شامل للحسي من ذلك، كالليل والنهار، والشمس والقمر. والمعنوي، كظلمات الجهل، والشك، والشرك، والمعصية، والغفلة، ونور العلم والإيمان، واليقين، والطاعة، وهذا كله، يدل دلالة قاطعة أنه تعالى، هو المستحق للعبادة، وإخلاص الدين له.

💠وقال:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فاطر : 1]
يمدح الله تعالى نفسه الكريمة المقدسة، على خلقه السماوات والأرض، وما اشتملتا عليه من المخلوقات، لأن ذلك دليل على كمال قدرته، وسعة ملكه، وعموم رحمته، وبديع حكمته، وإحاطة علمه.
ولما ذكر الخلق، ذكر بعده ما يتضمن الأمر، وهو: أنه { جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا } في تدبير أوامره القدرية، ووسائط بينه وبين خلقه، في تبليغ أوامره الدينية.
واﻵيات في هذا المعنى كثيرة ، والله تعالى قد افتتح كتابه بالحمد ،وافتتح بعض سور القرآن بالحمد ،وافتتح خلقه بالحمد ، واختتمه بالحمد ، فله الحمد أوﻻ وأخرا وله الشكر ظاهرا وباطنا وهو الحميد المجيد.

ٍ
من آثار اﻹيمان باسم 
           (الحميد) عزوجل

محبة الله محبة عظيمة صادقة ﻻ يشاركه فيها أحد من الخلق ،
وهذه المحبة بدورها تثمر عبادات أخرى في القلب، كاﻹخﻻص لله تعالى،🌱 والحياء واﻷدب مع الله-عزوجل-،🌱 وعبوديات اللسان والجوارح،🌱 بالقيام بأوامره واجتناب نواهيه،🌱 والتقرب إليه بطاعته.
♻كثرة ذكره سبحانه خاصة اﻷذكار التي تتضمن حمده والثناء عليه بالثناء الحسن الذي هو أهل له آناء الليل وأطراف النهار.
♻فمتى علم المؤمن أن الله تعالى متصف بالحمد ، فينبغي عليه أن يسعى إلى حمده تعالى على آﻻئه ، وأوصاف كماله ، في سره وعليه ولسانه وقلبه وأركانه .
فإن أفضل خلق الله من ﻻزم حمده ، لما ورد في الحديث:
(.... اعلمْ أنَّ خيرَ عبادِ اللهِ تبارك وتعالى يومَ القيامةِ الحمَّادونَ ،..) 
السلسلة الصحيحة:الألباني
اليقين بأن الله -عز وجل هو المستحق كله على اﻹطﻻق ، كما قال تعالى:( الحمد لله رب العالمين) والﻻم في ( الحمد) لﻹستغراق ، 
أي: هو الذي له جميع المحامد بأسرها وليس ذلك ﻷحد إﻻ الله تعالى وﻻ نحصي ثناء عليه ، هو كما أثنى على نفسه فهو الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. 
وهذا القين يثمر في قلب المسلم القبول التام ، واﻻستسﻻم المطلق ﻻحكام الله الشرعية .
واليقين أن كل هذه اﻷحكام خير ومصلحة وحكمة ولو لم ندرك حكمة بعضها.
كما أن له الحمد في أحكامه الجزائية في الدنيا ويوم القيامة، ﻷنها كلها فضل ورحمة ، أو عدل وحكمة.
♻ثم على المؤمن أن يسعى في خصال الحمد وهي التخلق باﻷخﻻق الحميدة واﻷفعال الجميلة ويترك نقيضها ويدع سفسافها.
لما ورد في اﻷحاديث من أن الله يحب من عبده أن يتحلى ببعض صفاته ،ومنها؛
الحديث:
(
إنَّ اللهَ تعالى جَميلٌ يحبُّ الجَمالَ ، و يحبُّ مَعالِي الأَخلاقِ ، و يكرَهُ سَفسافَها).



 إخباره تعالى في كتابه

               عن حمد خلقه له ~
            
💠قال تعالى :
)
هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [سورة غافر : 65]
♻ ففيها حمده على نعمة التوحيد وإخﻻص العبادة له وحده.
💠وقوله تعالى :
(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [سورة المؤمنون : 28]
♻ ففيها حمده على النصر على اﻷعداء والسﻻمة من شرهم.
💠 وقوله تعالى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) [سورة إبراهيم : 39]
♻ ففيها حمده سبحانه على هبة الولد.
💠وقوله تعالى :
(وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [سورة الزمر : 74]
♻ففيها حمده سبحانه أن صدقهم وعده بدخول الجنة.
💠وقوله تعالى.
(وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [سورة الزمر : 75]
♻{ قضي بينهم } أي: بين اﻷولين واﻵخرين من الخلق {بالحق} الذي ﻻ اشتباه فيه وﻻ إنكار ممن عليه الحق .
{ وقيل الحمدلله رب العالمين}
لم يذكر القائل من هو ليدل ذلك على أن جميع الخلق نطقوا بحمد ربهم وحكمته على ما قضى به على أهل الجنة وأهل النار، 
حمد فضل وإحسان وحمد عدل وحكمه.



 اﻻقتران مع الأسماء اﻷخرى


اقتران الحميد بالعزيز

ورد هذا اﻻقتران ثﻻث مرات في القرآن الكريم، منها:
💠قوله تعالى :
(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )[البروج : 8] فما كان لهم ذنب إلا إيمانهم بالله العزيز  الذي له العزة التي قهر بها كل شيء،  الذي لا يضام من لاذ بجنابه المنيع ، الحميد في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره،
وإن كان قد قدر على عباده هؤلاء هذا الذي وقع بهم بأيدي الكفار به فهو العزيز الحميد وإن خفي سبب ذلك على كثير من الناس.

💠وقوله تعالى :
(
الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد)ِ [ابراهيم : 1]
وقوله :  ( إلى صراط العزيز )
أي : العزيز الذي لا يمانع ولا يغالب ، بل هو القاهر لكل ما سواه ، " الحميد " أي : المحمود في جميع أفعاله وأقواله ، وشرعه وأمره ونهيه ، الصادق في خبره .
ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب فقال: { إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته، المشتمل على العلم بالحق والعمل به،
وفي ذكر { العزيز الحميد } بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارة إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله قوي ولو لم يكن له أنصار إلا الله، محمود في أموره، حسن العاقبة.

وقد ورد في القرآن نسبة الصراط إلى العزيز الحميد ، كما نسب إلى الحميد فما دﻻلة ذلك؟
الجواب في تفسير (السعدي) لهذه اﻵية:
💠قال تعالى.
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ) [الحج : 24]
{ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } الذي أفضله وأطيبه كلمة الإخلاص، ثم سائر الأقوال الطيبة التي فيها ذكر الله، أو إحسان إلى عباد الله،
 { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } أي: الصراط المحمود، وذلك، لأن جميع الشرع كله محتو على الحكمة والحمد، وحسن المأمور به، وقبح المنهي عنه، وهو الدين الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح.
أو: وهدوا إلى صراط الله الحميد، لأن الله كثيرا ما يضيف الصراط إليه، لأنه يوصل صاحبه إلى الله،
وفي ذكر { الحميد } هنا، ليبين أنهم نالوا الهداية بحمد ربهم ومنته عليهم، ولهذا يقولون في الجنة: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } 



  ~اقتران الحميد بالغني  ~

جاء هذا اﻻقتران فى القرآن الكريم عشر مرات ، منها:
💠 قوله تعالى :
۞ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد)ُ [فاطر : 15]
يخبر تعالى بغنائه عما سواه ، وبافتقار المخلوقات كلها إليه ، وتذللها بين يديه وأنهم هم المحتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات ،  
فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه:
فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.
فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.
فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.
فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.
فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.
فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.
فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.
فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا،
ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
♻{ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق،
وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.
♻ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، 
♻الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه،
♻ فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].
كما اقترن اسم الحميد ب(الحكيم)،وب (الولي)
وب (المجيد).



No comments:

Post a Comment