Sunday, June 15, 2014

الله الصمد

بسم الله الرحمن الرحيم 

 أسماء الله الحسنى

  الله الصمد


الصمد اسم له أعظم الشأن في دعاء الله تعالى وعبادته وفي التعرف على الله ،
وصعوبة معنى هذا اﻻسم أنه لم يرد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن، والتي كلها وصف لله عزوجل.

 ثبوت اﻻسم 

في القرآن

ورد اسمه سبحانه ( الصمد ) مرة واحدة في القرآن الكريم وذلك في قوله جل وعلا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [سورة اﻹخلاص 1- 4]

وفي السنة:
في الحديث الذي رواه عبدالله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول (اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد)، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب) رواه الترمذي وأبو داود وصححه اﻷلباني.


⚫كيف نفهم هذا الاسم؟
لا سبيل لفهم هذا اﻻسم العظيم إلا باللغة بعد فهم السلف له ، لأن السلف أحسن من فهم أسماء الله الحسنى لأنهم تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بمراجعة ما ورد عنهم في التفاسير.

🔵 أعلى ما قيل في هذا الاسم تجدونه في الجزء السابع عشر من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، وقد ركز رحمه الله على اللغة في شرحه لهذا الاسم ، هذا يدل على أن فهم هذا الاسم لابد فيه من فهم اللغة


⚫ في البدء كيف فهم السلف معنى هذا الاسم ؟
فهم السلف لهذا الاسم يدور على معنيان:
🔦المعنى الأول

الصمد الذي لا جوف له

وهذا القول هو قول أكثر السلف والصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة
وممن قال بهذا القول  : ابن مسعود ، وابن عباس، والحسن البصري،  ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة
🔺وقال الشعبي: الصمد هو الذي لا يأكل ولا يشرب

🔺وعن عكرمة : هو الذي لا يخرج منه شيء. 

ولفهم هذا المعنى الذي ورد عن السلف : أن الصمد هو الذي لا جوف له ولا يدخل إليه شيء ولا يخرج منه شيء لابد من فهم الصمد في اللغة.


🔦المعنى الثاني
الذي ورد عن السلف في معنى الصمد مبني على المعنى الأول.
الصمد : السيد الذي يصمد إليه في الحوائج، 
وهذا القول قول طائفة من السلف والخلف وجمهور اللغويين. 
وقد وردت عدة أقوال عن معنى الصمد إلا أن جميع هذه الأقوال يرجع إلى المعنيين السابقين. 
📍
من هذه الأقوال:
قول أبي بن كعب في سبب نزول هذه السورة أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : أنسب لنا ربك ، فأنزل الله:( قل هو الله أحد الله الصمد) إلىآخر السورة.قال :( الصمد الذي لم يلد ولم يولد؛  لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث).
قول أبي هريرة:
هو المستغني عن كل أحد ، المحتاج إليه كل أحد .
قول سعيد بن جبير:
هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
قول ابن عباس:
الصمد : هو السيد الذي كمل في سؤدده  ، العظيم الذي كمل في  عظمته الحليم الذي كمل في حلمه الرحيم الذي كمل في رحمته الشريف الذي كمل في شرفه ، إلى آخر الصفات.
🔦سنعود إن شاءالله لشرح كلام ابن عباس رضي الله عنهما.
وحتى نفهم هذه المعاني لابد من فهم الصمد في اللغة.

    ◼الصمد في لغة العرب ◼      

الصمد في اللغة عند ابن فارس يدور على معنيين :

الأول : الصلابة.
والثاني: القصد .
والمعنى الأول أي الصلابة هو الأصل ، أنت تقصد من له صلابة ،

📍والتفسير الأول للسلف بأن الصمد هو الذي لا جوف له يوافق المعنى الأول في اللغة .
📍والتفسير الثاني لاسم الصمد عند السلف بأنه السيد المقصود في الحوائج يوافق المعنى الثاني في اللغة بأن مدار الصمد على القصد .
◼ وكل ماورد في معنى الصمد في اللغة فهو دائر على هذين المعنيين الصلابة والقصد ومن ذلك:
🔄 الصمد : هو الشيء الذي لا يتجزأ ..
🔄 الصمد : هو الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب .

🔄 الصمد عند العرب : هو السيد المطاع الذي يصمد إليه في الحوائج ، أي : يقصد ، وهو الذي لا أحد فوقه .
🔄 وقيل: الصمد الذي لا يقضى دونه أمر ، كما كان العرب يصفون أشرافهم بذلك.
لنا عودة بإذن الله لمزيد بيان.
للاستزادة الرجوع إلى الجزء السابع عشر من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في شرحه لسورة الإخلاص.
       

لفظ الصمد فيه الجمع ، والجمع فيه القوة.
🔄
الصاد والميم تدل الجمع والقوة فإذا أضيف إليها الدال دلت على القوة أكثر وأكثر لأن الدال قوية جدا.
🔄 والصمد يطلق على المجتمع الذي لا يتفرق وهذا دلالة على القوة.
🔄 يصمد المال : أي يجمع المال.
🔄 والصماد : غطاء القارورة لأنه يبقي الماء مجتمع لا يتسرب شيء منه.
🔄 الأرض الصمدة : المجتمع رملها. 
🔄 ورجل صمد لا يعطش ولا يجوع في الحرب سمي صمد لأن قوته لم تتفرق ولأنه ظل قويا مجتمعا.
🔄 وناقة صمدة : ناقة لا تلد فتظل بقوتها لأن الولد يفرق بطن الأم فيصيبها الضعف.
🔄 وناقة مصماد : الناقة الباقية على قوتها حال البرد والحر وحال القر والجدب باقية على قوتها في در اللبن. 
🔄 ويقال للمكان الغليظ المرتفع : صمد ؛ لقوته وتماسكه واجتماع أجزائه. 
🔄 والرجل الصمد : هو السيد المصمود، أي المقصود ، والناس إنما يقصدون في حوائجهم من يقوم بها ، وإنما يقوم بها من كان في نفسه مجتمعا قويا ثابتاً ، وهو السيد الكريم ، بخلاف من يكون هلوعا جزوعا يتفرق ويقلق من كثرة حوائجهم وثقلها ، فإن هذا ليس بسيد صمد يصمدون إليه في حوائجهم وقد يكون الرجل سيدا يأمر وينهى ولكنه لا يكون صمدا لأنه لا يتحمل الناس وطلباتهم. 
هذه المعاني للصمد في لغة العرب لابد من اصطحابها عند الحديث عن معنى الصمد في حق الله تعالى .

 الأقوال في معنى الصمد في حق الله تعالى :

ذكر أهل العلم معاني متعددة إلا أن جميع هذه المعاني صحيحة مع تنوع الألفاظ.
وجميع هذه المعاني دائرة بين المعنيين الرئيسيين السابق ذكرهما:
🔦 أن الصمد هو الذي لا جوف له،
🔦 الصمد هو السيد المقصود في الحوائج.

أول هذه المعاني : 
الصمد الذي لا جوف له ، ولا يدخل إليه شيء ولا يخرج منه شيء ، ولا يتجزأ ولا يتقطع ولا يفرقه شيء ؛ أي أن لا شيء يفرق قوته ولا عزته ولا رحمته ؛ إلخ ...له الكمال في صفاته كلها، بل إن كمال صفاته لا حدود له  ،
ولهذا قال :(لم يلد ولم يولد)(جل جلاله ).  لهذا هو صمد لكمال غناه وكمال قوته وقدرته وكمال صفاته كلها ؛ أي الذي له الصمدية في كل صفاته ؛ أي : له الكمال في كل صفاته ، قد كمل في كل صفة من صفاته هذه هي الصمدية؛ لهذا   تصمد إليه الخلائق كلها.
فالصمد معنى جامع لكل الصمديات في كل الأسماء والصفات؛  يعني الكمال في جميع الأسماء والصفات لله عزوجل، فكماله سبحانه في أسمائه وصفاته لا حدود له.
📍فالصمد هو الذي (لم يلد ولم يولد) وكل من يلد ويولد فليس بصمد.  وهذا المعنى أيضا يرجع الى المعنى الأول : الصمد الذي لا جوف له ولا يخرج منه شيء ولا يدخل إليه شيء ولا يتجزأ ولا ينفصل منه شيء.

ثاني المعاني :
الصمد الذي جمعت فيه صفات الكمال كلها، الكامل في علمه ، الكامل في حكمته ، الكامل في جبروته،  الكامل في عزته ، وهكذا في كل الصفات ، الكامل من كل وجه ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، 
لهذا قال جمهور السلف منهم ابن عباس رضي الله عنهما : " الصمد : السيد الذي كمل سؤدده ، الحكيم الذي كمل حكمه ، الرحيم  الذي كملت رحمته ، الجواد الذي كمل جوده". هذه هي الصمدية ؛ فقد كمل سبحانه في كل صفة من صفاته
📍لهذا قال :( ولم يكن له كفوًا أحد ).

ثالث هذه المعاني:
فكما أنه صمد لا جوف له ولا يتجزأ ولم يلد ولم يولد؛ وقد دل هذا على أن له الكمال (الصمدية) في كل صفة من صفاته لذا فهو المصمود إليه المقصود في كل الحوائج لما له من الكمال الذي لا منتهى له في جميع صفاته.
🔄 فالصمد : هو السيد الذي تصمد إليه الخلائق بحوائجها (جل جلاله )،لكثرة خصال الخير فيه ،وكثرة الأوصاف الحميدة له  فكل من احتاج شيء وأغلقت دونه الأبواب يلجأ إلى الله ويصمد إليه ويقول يارب.
🔄 كل الخلائق تصمد إليه بحوائجها ، الإنس والجن والطير و الحيوانات .
🔄 والمؤمن يصمد إلى الله في الرخاء والشدة ، أما المنافق والكافر يصمد إلى الله في الشدة حتى إذا زالت هذه الشدة رجع إلى ما كان عليه.

رابع هذه المعاني:
الصمد الذي لا يقع أمر دونه ولا يقع في الكون إلا ما يريد.

خامس هذه المعاني:
ذكره ابن تيمية في الفتاوى عن بعض السلف أن :( الصمد الدائم وهو الباقي بعد فناء خلقه، فإن هذا من لوازم الصمدية،) . وهذا المعنى أيضا يرجع إلى وصفه سبحانه نفسه بأنه لم يلد ولم يولد؛  
🔄فما من أحد يولد إلا سيموت والله هو الحي الذي لا يموت الباقي بعد فناء خلقه ، وهو سبحانه الغني عن الولد .
🔄 وقال : أي ( ابن تيمية )
فليس أحد يصمد إليه كل شيء ولا يصمد هو إلى شيء إلا الله تبارك وتعالى ،
🔄وهو سبحانه كما لا يمكن تثنية أحديته بوجه من الوجوه، فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء بوجه من الوجوه، كذلك حقيقة الصمدية وكمالها له وحده واجبة ولازمة ولا يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه،
  وقد قال في آخر السورة : ( ولم يكن له كفوًا أحد ). أي : ليس شيء من الأشياء كفوًا له في شيء من الأشياء لأنه أحد.


 بعض المباحث في هذه السورة سورة الإخلاص والتي حوت هذا الاسم العظيم.
🔦المسألة الأولى:
قول أهل العلم في كون سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن
🔗قال أهل العلم :
إن القرآن باعتبار معانيه ثلاث أثلاث
🔺
ثلث توحيد : وهو الأخبار عن الخالق؛  إخبار عن الله تعالى وعن أسمائه وصفاته.
وثلث قصص ووعيد: وفيه الإخبار عن المخلوق؛ ويدخل فيه الخبر عن الأنبياء وأممهم ومن كذبهم ، والإخبار عن الجنة والنار، والثواب والعقاب.
وثلث أمر ونهي : وهذا يتضمن الأحكام والشرائع.
ف ( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن بما فيها من التوحيد الذي هو ثلث معاني القرآن.

سؤال 
هل يمكن أن نكتفي بها عن سائر القرآن؟ 
🚫
الجواب: لا
لأن ثواب (قل هو الله أحد) يعدل ثواب ثلث القرآن في القدر لا في النوع والصفة،
ففي القرآن من الوعد والوعيد، والأمر والنهي ، ما يحتاج إليه العبد ،
لهذا كان الناس محتاجين لسائر القرآن،  فلا غنى عنه، وإن كانت تعدل ثلث القرآن.

🔦المسألة الثانية:
كون الألف واللام أدخلت في الصمد ولم تدخل في أحد🔺
لأنه ليس في الموجودات من يسمى أحدا مفردا في الإثبات المطلق إلا الله عزوجل.
أما اسم الصمد فقد استعمله أهل اللغة في حق المخلوقين ، فلم يقل الله صمد بل قال (الله الصمد) فبين أنه المستحق بأن يكون هو الصمد دون ما سواه لأن له الكمال المطلق، فكانت الألف واللام للإختصاص. 
🔗
أما المخلوق فليس له حقيقية الصمدية لأنه يقبل التفرق والتجزئة، وهو أيضاً محتاج إلى غيره،  فإن كل ما سوى الله محتاج إلى الله من كل الوجوه.
والله سبحانه وتعالى هو الصمد الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك، فهو سبحانه الأحد الصمد الذي له الكمال الذي لا منتهى له في أسمائه وصفاته،الغني عن كل أحد ، المحتاج إليه كل أحد.
وقد دل قوله الأحد  ، الصمد ، على أنه لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.
🔦
فالصمد هو الذي لا جوف له، ولا يخرج منه شيء ولا يدخل إليه شيء، ولا يفارقه شيء منه ، لهذا امتنع عليه أن يلد وأن يولد.
🔦 والأحد هو الذي لا كفؤ له ولا نظير ، فيمتنع أن تكون له صاحبة .
🔺قال تعالى :
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [سورة اﻷنعام : 101]
فهو سبحانه خلق كل شيء وكل ما سواه فهو مخلوق، فكونه أحد وكونه صمد يمتنع أن يكون والدا أو مولودا. 
🔗فهو صمد لا يخرج منه شيء، 
وهذا يمنع أن يكون والدا،
🔗وبالأحرى يمتنع أن يكون مولودا.
🔦وقد تقدم في حديث أبي بن كعب: أن ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث.
فقد اشتملت هذه السورة على جميع أنواع التنزيه والتحميد لله تعالى، وأشتملت على النفي والإثبات ،
🔄 لهذا كانت تعدل ثلث القرآن.
🔗 فالصمدية تثبت لله الكمال المنافي للنقائص ،
🔗 والأحدية تثبت الإنفراد بذلك.

من كلام الشيخ السعدي في معنى الصمد:
📍نختم هذا الجزء في معنى الصمد بكلام الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
قال: (الصمد)أي الرب الكامل ، والسيد العظيم ، الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها، ووصف بغايتها، وكمالها بحيث لا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم، ولا تعبر عنها ألسنتهم،
📍وقال: وهو المصمود إليه المقصود في جميع الحوائج والنوائب ،:
(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [سورة الرحمن : 29]
فهو الغني بذاته، وجميع الكائنات فقيرة إليه بذاتهم:في إيجادهم ، وإعدادهم، وإمدادهم بكل ما هم محتاجين إليه من جميع الوجوه ، ليس لأحد منها غنى مثقال ذرة، في كل حالة من أحوالها.
ويقول : ( الصمد ) هو الذي تقصده الخلائق كلها في جميع حاجاتها وأحوالها وضروراتها لما له من الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
ويقول : ( الصمد ) هو المعنى الجامع الذي يدخل فيه جميع ما فسر به هذا الاسم الكريم، 
🔗
فهو الصمد الذي تصمد إليه أي:تقصده جميع المخلوقات بالذل 
والحاجة والافتقار ، ويفزع إليه العالم بأسره ،
🔗
وهو الذي قد كمل بعلمه وحكمته وحلمه وقدرته وعظمته ورحمته وسائر صفاته.
  بعد معرفتنا لمعنى هذا اﻻسم الجليل ماذا تثمر هذه المعرفة في قلوبنا وسلوكنا؟
 ◼ آثار المعرفة باسم الله الصمد

من المعلوم أن اسم الله( الصمد) اقترن في القرآن والسنة باسمه سبحانه (الأحد )،

🔺في القرآن : في سورة الإخلاص في قوله تعالى : (قل هو اللَّهُ أحد اللَّهُ الصَّمَدُ )
🔺وفي السنة :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول ( اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد 

ولم يكن له كفوًا أحد ) فقال : ( والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى )سنن أبي داود. 

ووجه الاقتران بين الاسمين واضح
📍فالصمد : هو الذي تقصده الخلائق كلها وتصمد إليه في حاجاتها وضروراتها لما له سبحانه من الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله،يفسر إقتران اسمه سبحانه ( الصمد ) باسمه سبحانه ( الأحد ) لأن من معاني( الأحد) الكامل المطلق المتفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وربوبيته وألوهيته، 
📍ولا يصدق اسم( الصمد ) إلا على من هذه صفاته بأنه ( واحد، أحد)سبحانه جل جلاله.


وأول أثر لمعرفتك باسم الله الصمد هو

معرفتك واعتقادك أن السؤدد الحقيقي لله وحده ، فهو المالك والخلق كلهم عبيده ، لا غنى لهم عنه ،

🔗 فهو سبحانه الصمد المقصود في كل حاجات عباده ، فليس لهم رب سواه ولا مقصود غير
🔺هذا الإعتقاد لابد من أن يثمر محبة الله عزوجل ، السيد المالك المتصرف في شؤون الخلق

🔗 محبة تثمر لك كمال توحيده في ذاته وأسمائه وصفاته وربوبيته وألوهيته .
🔗 محبة تثمر لك تعظيمه سبحانه وإجلاله ، وحمده والثناء عليه.
🔗 محبة تثمر لك إفراده وحده بالتوكل عليه ، وتفويض الأمور إليه سبحانه

🔗 محبة تثمر لك الثقة في كفايته وقدرته( جل جلاله ) لأنه الكامل في سؤدده، وأسمائه وصفاته، السيد الصمد المقصود من جميع عباده في قضاء الحاجات

🔗 محبة تثمر لك رجاءه وحده ، والخوف منه ، والأخذ بأسباب مرضاته ، وترك ما يسخطه سبحانه
🔗محبة تجعلك تهرع إليه لقضاء  حاجاتك وتفريج كرباتك ، فهو سبحانه القادر ، اللطيف بعباده، الرحيم بهم ، القريب منهم، الذي له الصمدية في كل صفاته ، فكمال صفاته لا منتهى له ،

🔺خزائنه ملئ، ولا يشغله حال عن حال، ولا يتبرم من كثرة سؤال السائلين ولا كثرة حاجات المحتاجين ، لأنه الصمد جلاله.
🔺ومن الآثار أن الشرف والسؤدد الحقيقي في هذه الدنيا إنما ينال بطاعة الله تعالى وتقواه

           


قال تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [سورة النمل : 62]


وقفات مع عباد توكلوا على الصمد وصمدوا إليه فلم يخيب رجاءهم

 إبراهيم عليه السلام

حينما قذف به في النار توكل على الله وقال (حسبنا الله ونعم الوكيل) فجعل الله النار المحرقة على الضد تماماً:
(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ) [سورة اﻷنبياء : 69]


 وموسى عليه السلام

لما أراد فرعون أن يلحق به وبقومه قال قومه :( إنا لمدركون ) ، قال موسى:( كلا إن معي ربي سيهدين)، فماذا كانت النتيجة ؟

🔦(فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ وَأَنْجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) [سورة الشعراء : 63:66].

 ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو وأبوبكر رضي الله عنه وهما في الغار

🔦(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة التوبة : 40]


لما خرج الصحابة إلى حمراء الأسد بعد غزوة أحد ، جاءهم من جاءهم وقال لهم : (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) انظر كيف كانت نتيجة توكلهم على الله وصدق لجوئهم إليه:
🔦(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُفَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [سورة آل عمران 173:174].

ومؤمن آل فرعون حينما أراد قومه أن يمكروا به لأنه دعاهم للحق واتباع موسى عليه السلام :
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِفَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) [سورة غافر : 44:45].

⬛ أيوب عليه السلام 
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ) [سورة اﻷنبياء : 83:84]

⬛ ويونس عليه السلام 
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَفَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [سورة اﻷنبياء : 87:88].

⬛ وزكريا عليه السلام
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [سورة اﻷنبياء : 89:90. ]

صمدوا إلى الصمد وقصدوه وسألوه في الأمور المرغوب فيها من أمور الدنيا والآخرة، والمرهوب منها من مضار الدارين ، فبين قوله تعالى : ( رغبا ورهبا) أنهم راغبون ، راهبون، لا غافلون، ولا لاهون، ( وكانوا لنا خاشعين) أي : خاضعين ، متذللين ، متضرعين، وهذا لكمال معرفتهم بربهم.
فتدبر كيف كان حالهم ، واصمد إلى الله الصمد متأسيا بهم، ولن يخيب الصمد من صمد إليه.



No comments:

Post a Comment