Friday, June 13, 2014

الطيب جل جلاله

الطيب ( جل جلاله (


ثبوت اﻻسم :

🔄ورد هذا اﻻسم في السنة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أيها الناسُ ! إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا . 
وإنَّ اللهَ أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين .
فقال : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ). 
المؤمنون / الآية 51 ]
وقال : 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )
[  البقرة / الآية 172 ] .
ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ . أشعثَ أغبَرَ . يمدُّ يدَيه إلى السماءِ . يا ربِّ ! يا ربِّ ! ومطعمُه حرامٌ ، ومشربُه حرامٌ ، وملبَسُه حرامٌ ، وغُذِيَ بالحرام . فأَنَّى يُستجابُ لذلك ؟) رواه مسلم.


المعنى في اللغة :

🔄معنى الطيب: الطاهر و النظيف و الحسن والعفيف والسهل واللين ،
🔄 والطيب : خﻻف الخبيث ، والطيب من كل شيء أفضله ،
🔄والطيبات من الكﻻم أفضله واحسنه ..
🔄وبلدة طيبة أي : آمنة كثيرة الخير ..
🔄وقد يرد الطيب بمعنى الطاهر .


 المعنى في حق الله تعالى :

الله سبحانه وتعالى هو الطيب:
المطهر، المقدس ، المنزه عن كل النقائص ، والعيوب ، المقدس عن كل شر وسوء ، لكماله تعالى وجﻻله من كل الوجوه. ﻷن أصل الطيب الطهارة والسﻻمة من الخبث.
والله تعالى هو الطيب المنزه عن كل وصف خال عن كمال ، أو عن طيب الثناء ، في أي حال من الأحوال. 
وهو تعالى الطيب في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله، فذاته أكل الذوات ، المتصفة بأكمل وأعلى الصفات ، واسماؤه هي أجمل اﻷسماء وأحسنها ، وأفعاله تعالى في غاية الحق والصواب ، 
فﻻ يفعل إﻻ اﻷكمل واﻷحسن واﻷطيب.
والله تبارك وتعالى طيب الجنة للمؤمنين، فجعلها ذات ريح طيبة بأطيب ما يكون .
وهو سبحانه الطيب في أحكامه القدرية والشرعية والجزائية ، فكلها هدى ورحمة ، منزهه عن كل شر وسوء .
فالله تعالى هو الطيب على اﻹطﻻق من جميع الوجوه واﻹعتبارات ، 
فكل ما يسمى ويصف به تعالى طيب ، 
وﻻ يصدر عنه إﻻ الطيب.
وﻻ يصعد إليه إﻻ الطيب.
وﻻ يقرب منه إﻻ طيب.
وﻻيجاوره إﻻ عباده الطيبون،
فكله طيب فالطيبات كلها له، مضافة إليه ، وصادرة عنه، ومنتهية إليه ،
فهو جﻻ وعﻻ الطيب على اﻹطﻻق، بل ما طاب شيء قط إﻻ بطيبته سبحانه،  فطيب كل ما سواه من آثار طيبته ،
ومن جﻻله أنه أنه اشتق للطيبين اسما من أسمائه الحسنى،  ووصفا من أوصافه ،
قال عز شأنه:
وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [سورة النور : 26]


  
 التحيات لله والصلوات والطيبات:


في هذا المقام مناسبة طيبة للوقوف على معنى التشهد اﻷول في الصﻻة:

فلما قضى المصلي صﻻته واكملها ولم يبق له إﻻ اﻹنصراف منها شرع له الجلوس بين يدي ربه مثنيا عليه بأفضل التحيات التي ﻻ تصلح إﻻ له وﻻ تليق بغيره.
التحيات لله: 


سميت التحيات لأنها تجمع كل أنواع التحايا  التي يحي بها الناس الملوك والعظماء ، فكل تحية يحيى ( بضم الياء اﻷولى) ملك فهي لله عزوجل ، فالتحيات ﻻ تكون إﻻ له.

والصلوات: 


وعطف عليه لفظ الصلوات ليشمل كل صﻻة ، فالصلاة ﻻ تنبغي إﻻ له.

والطيبات :

وهذا يتناول أمرين :
1 - الوصف
2 - الملك
الوصف : فإنه سبحانه طيب وفعله طيب وكﻻمه طيب ، وﻻ يصعد إليه إﻻ طيب.
فالطيبات له وصفا ، وفعﻻ ، وقوﻻ ، ونسبة ،
وكل طيب مضاف إليه، وكل مضاف إليه طيب، كبيته وعبده، وناقته، وجنته .
والكلمات الطيبات تسبيحه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتهليله ، وتمجيده ، والثناء عليه بآﻻئه واوصافه. 
فسبحان الله : تتضمن تنزيهه من كل نقص وعيب وسوء ومشابهة المخلوقين.

والحمد لله: تتضمن إثبات كل كمال له قوﻻ وفعﻻ ووصفا على أتم الوجوه.
وﻻ إله إلا الله : تتضمن إنفراده بألوهية ﻷن كل معبود سواه فهو باطل.
والله أكبر : تتضمن أنه أكبر من كل شيء وأجل وأعظم واعز وأقدر واحكم .
ومثلها قول :
سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك وﻻ إله غيرك.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
وسبحان الله والحمد لله وﻻ إله إلا الله والله اكبر وﻻ حول وﻻ قوة إﻻ بالله .
فتأمل أطيب الكلمات بعد القرآن كيف انها ﻻ تنبغي إﻻ لله، كما أن اﻷسماء الطيبات كلها له سبحانه ﻻ يستحقها أحد سواه ،
يقول ابن القيم :بل ما طاب شيء قط إﻻ بطيبته سبحانه فطيب كل ما سواه من آثار طيبته ، وﻻ تصلح هذه التحية الطيبة إﻻ له

من آثار اﻹيمان بهذا اﻻسم :

محبته سبحانه لصفاته وأسمائه الطيبة الجليلة الكريمة ، وحمده عليها وإجﻻله وتعظيمه والثناء عليه بها ،
واللهج بذكره وشكره على ما أنعم به علينا من النعم ، حيث أنزل إلينا أفضل كتبه وأرسل إلينا أفضل رسله وشرع لنا أفضل شرائعه
التي كلها طيبة في عقيدتها وأحكامها واخﻻقها ،
التي تكفل لكل من تعلمها وعمل بها  الحياة الطيبة الهنيئة في الدنيا والآخرة،
كما في قوله تعالى :
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النحل : 97]

ومن آثار اﻹيمان باسمه سبحانه الطيب :
تنزيهه سبحانه في أقواله وأفعاله وأسمائه وصفاته عن كل نقص وعيب والتعبد له سبحانه بذلك .

 ومن آثار اﻹيمان باسمه سبحانه الطيب  :
أن المؤمن ﻻ يحب وﻻ يؤثر  من العقائد واﻷقوال واﻷخﻻق واﻷصحاب والمناكح والمطاعم والمشارب إﻻ طيبها  وأزكاها ،
وأن يكون العبد المؤمن أشد نفرة من الفحش في المقال والبذاءة والكذب والغيبة والنميمة والبهتان وقول الزور وكل كﻻم خبيث.
كذلك له من اﻷخﻻق أطيبها وأزكاها ، 
كالحلم والوقار والسكينة والرحمة والصبر والوفاء والسهولة واللين والصدق وسﻻمة الصدر من( الغل والغش والحقد والحسد،) ،
والتواضع وخفض الجناح لأهل اﻹيمان ، والعزة والغلظة على أعداء الله ،
وصيانة الوجه عن بذله والتذلل لغير الله والعفة والشجاعة والسخاء  والمروءة ، وكل خلق اتفقت على حسنه الشرائع والفطر والعقول.


ومن آثار اﻹيمان بهذا اﻻسم :
ينبغي للمؤمن أن:
يطهر باطنه من أدران الذنوب والمعاصي ،
وظاهره  بطيب اﻷخﻻق واﻷفعال ،
وأن يتحرى الطيب في الحﻻل في مأكله ومشربه على الدوام ،
وأن يتحرى أن ﻻ يصعد إلى خالقه إﻻ الطيب من الذكر والثناء وصالح الأعمال ﻷن الله طيب ﻻ يقبل إﻻ طيبا. 
وقال تعالى :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [سورة البقرة : 267]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
(من تصدَّقَ بعدلِ تمرةٍ من كسبٍ طيِّبٍ ، ولا يصعدُ إلى اللهِ إلا الطِّيبُ ، فإنَّ اللهَ يتقبَّلُها بيمينِه ، ثم يُربِّيها لصاحبها كما يُربِّي أحدُكم فَلُوَّهُ ، حتى تكونَ مثلَ الجبلِ .) رواه البخاري.
وقال تعالى :
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ) [سورة فاطر : 10]
فهؤﻻء ممن قال الله تعالى فيهم :
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة النحل : 32]
ومن الذين يقول لهم خزنة الجنة في قوله تعالى :
( وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [سورة الزمر : 73]
فهذه الفاء تقتضي السببية أي: بسبب طيبكم أدخلوها.
والله سبحانه وتعالى جعل الدور ثﻻثة :
دار أخلصت للطيبين وهي حرام على غير الطيبين ، وقد جمعت كل طيب وهي الجنة .
ودار أخلصت للخبيث والخبائث ، وﻻ يدخلها إﻻ الخبيثون ، وهي النار.
ودار امتزج فيها الطيب والخبث وخلط بينهما ، وهي هذه الدار ، ولهذا وقع اﻹبتﻻء المحنة بسبب هذا اﻻمتزج واﻻختﻻط ، وذلك بموجب الحكمة اﻹلهية.
فالجنة ﻻ يدخلها إﻻ طيب فمن كان فيه خبث وأراد الله به خيرا طهره الله تعالى قبل الوفاة فيوافيه يوم القيامة مطهرا ﻻ يحتاج لتطهير بالنار ، وذلك :
إما أن يوفقه للتوبة النصوح .
و الحسنات الماحية. 
والمصائب المكفرة ،
حتى يلقى الله وما عليه خطيئة
وبحكمته سبحانه يمسك عن اﻵخر مادة التطهير فيلقاه يوم القيامة بمادة خبثه ومادة طيبه ، فيدخله النار طهرة له وتصفية من الخبث وحينئذ يصلح لجواره ومساكنة الطيبين من عباده في الجنة ، فالجنة ﻻ يدخلها إﻻ طيب.


No comments:

Post a Comment